ف النهجية الظاهراتية وخطوات تطبيقها على الظواهر التربوية

ف النهجية الظاهراتية وخطوات تطبيقها على الظواهر التربوية 1 د. عبد الليل أميم مدار هذه الاولة هو شد انتباه التربويي إل ضرورة الستفادة من مناهج البحث الفلسفي ف صيغتها الجرائية ف تناولم للقضايا التربوية الختلفة. ولقد قدمنا لذه الاولة بدخل تعريفي للمنهج الفنومنولوجي ومصطلحاته الركزية ث انتقلنا للخطوات الواجب اتباعها لناز بث من هذا النوع مرتبطي أساسا باهو تربوي. 1 أساسيات الفنومنولوجيا بالرجوع إل الدللة اللغوية لصطلح الفنومنولوجيا أو ما يسمى ف الدراسات العربية بالظاهراتية يكن قول ما 2 يلي : 1.أستاذ بكلية الداب والعلوم النسانية مراكش 2 أورد كحاشية سفلية من باب تعميم الستفادة ممل ما ذكره الباحث مسن الزراعي من دراسات تناولت الفنومنولوجيا بالدرس والتحليل والترجة ف مقال له على شبكة النترنيت مع العتذار للقراء وكذا للباحث عن عدم إدراج عنوان الوقع نظرا لضياعه من كما أشي إل أن آخر تيي له كان ف 20071114 وهو كما هو بدون تصرف كالتال: إ ن الهتمام بو سرل ف الفكر العرب بدأ حسب علمنا منذ المسين يات فقد ظهرت سنة 1958 أ ول ترجة لنصوص هو سرل قد مها تيسي شيخ الرض بعنوان: "تأ ملت ديكارت ية أو الدخل إل الفينومينولوجيا" دار بيوت لل طباعة وال نشر بيوت 1958 وقد أرفق الترجم ذلك ال نص بق دمة مط ولة ع رف فيها بو سرل وبأه م أفكاره الفينومينولوج ية( انظر نفس الرجع ص.ص. 383 ). كما ترجم سنة 1959 كتاب لميل برييه تض من بعض التحديدات لفكار هو سرل وهو بعنوان: "ا تجاهات الفلسفة العاصرة" ترجة ممود قاسم دار الك شاف لل نشر وال طباعة والتوزيع بيوت 1959. ث ظهرت ف الستينيات بعض القالت والترجات ف ال سياق ذاته نذكر منها على سبيل الثال من بي الترجات: إعادة ترجة ن ص هو سرل "التأ ملت ال ديكارت ية" من قبل نازاي اساعيل حسي بعنوان: "تأ ملت ديكارت ية الدخل إل ال ظاهرات ية" دار العارف ودار الكتاب العر ب لل طباعة وال نشر القاهرة 1969 وترجة بعض العمال الغرب ية الت تتض من أقسام أو تليلت مباشرة للفكر الو سرل مثل: ترجة بعض أعمال سارتر وأ هها: "الوجود والعدم بث ف النطولوجيا ال ظاهرات ية" ترجة عبد ال رحان بدوي منشورات دار الداب بيوت 1966 وترجة كتاب لرييس جوليفيه بعنوان: "الذاهب الوجود ية من كيكجورد إل جان بول سارتر" ترجة فؤاد كامل ال دار الصر ية للتأليف والترجة القاهرة 1966 وقد تض من ف آخره ملحقا ق دم فيه الكاتب بعض عناصر النهج الفينومينولوج ي الو سرل. أ ما ال دراسات والبحوث فنذكر مثل: أحد عبد ال رحان: "هو سرل وفلسفة ال ظواهر" م لة الفكر العاصر سبتمب 1965 القاهرة وعبد الف تاح الديدي: "ال تجاهات العاصرة ف الفلسفة" ال دار القوم ية لل طباعة وال نشر القاهرة 1966( وقد خ صص فيه قسما لعرض آراء هو سرل وقارنتها ببعض أقطاب الفينومينولوجيا وخا صة هيدغي ومرلوبونت: أنظر خا صة ال صفحات من ص. 14 ص. 62 ) وزكرياء ابراهيم: "دراسات ف الفلسفة العاصرة" مكتبة مصر القاهرة 1968 ( انظرمثل الباب ال سابع بعنوان "الفلسفة الفينومينولوج ية" ص.ص. 368315 ). أ ما مرحلة السبعين يات فهي مرحلة ت يزت بظهور عدد ها م من العمال ا لخ صصة لو سرل وقد كانت زيارة سارتر إل مصر( 1967 ) حافزا مه ما على زيادة الهتمام العرب بالعمال الفينومينولوج ية فقد بدأ حسن حنفي ترجة أه م كتبه الت خ صصها لو سرل ونشره سنة 1972 بعنوان: "تعال النا موجود" دار التنوير لل طباعة وال نشر بيوت 1982 بعد أن كتب مقالي عن هو سرل أولما بعنوان: "ال ظاهريات وأزمة العلوم الوروب ية" م لة الفكر العاصر يناير 1970( القاهرة) وثانيهما "فينومينولوجيا ال دين عند هو سرل" م لة الفكر العاصر يوليو 1970 (القاهرة) وهو مقال سيع مقه ل حقا ف أطروحة ال دكتورا بال لغة الفرنس ية بعنوان: méthode" L'exégèse de la phénoménomogie l'état actuelle de la phénoménologique et son application au phénomène religieux", Dar alfikr alarabi, Le Cair, 1988.. وظهر ف نفس ال سنة مقال لنطوان خوري بعنوان: "حول مق ومات النهج الفينومينولوج ي" م لة الفكر العرب العاصر 1970 8/9 1

الصل اللتن لصطلح Phänomenologie يعن: دراسة الظواهر. بناء على الدلول اللغوي. هذه الدللة اليتمولوجية تساعدنا لمالة ف فهمنا الول للمراد بالصطلح أعله. ولو تعمقنا أكثر لوجدنا أن مصطلح الظاهرة Phänomo يتجاوز مفهوم الظاهرة إل الدللة على الشيئ البي الظاهر أمامنا وف أحد معانيه يتضمن بعدا آخر مفاده الشيئ الذي يتوي أو يتضمن نورا بداخله 3 Phos ولكن أيض ا الش يء ال ذي يظهر(بضم الياء) نفسه بنفسه فهو حامل لشعاع داخي يكنه من إظهار نفسه. و ل و أدرجن ا القاع دة الفنومنولوجية Zu den Sachen selbst والت يكن ترجتها ب: إل الشياء ف ذاتا لحالنا ذلك على مايلي: ف النهجية الفنومنولوجية يتعلق المر بالنظر ف الظواهر ذاتا كظواهر مستقلة ف وجودها تمل خصائص ها ف ذاتا وهذا يعن بالنسبة للمنهجية الفنومنولوجية إبعاد كل ماهو خارج عن الظواهر حي النظر فيها. أي النظر إل الظاهرة كيف تقدم هي نفسها بنفسها أمامنا. فل يتعلق المر منهجيا بعرفة عن الظاهرة ولكن بعرفة الظاهرة كظاهرة تبز أمامنا ونستوعبها مستقلة ل أن نستوعب شيئا عنها والفرق بي الفهمي عميق ومركزي ف بعده النهجي. وسنأت لتفصيل ذلك حي الوقوف عند أهم مبادئ النهج الفنومنولوجي. وقبل ذلك قد يتبادر سؤال إل الذهن مفاده: أية ظواهر يكن أن تكون مل النظر النهجي الفنومنولوجي ببس اطة كل ما يظهر أمامك. وبساطة الواب تيل على تعقيد ل يكن أن نر عليه بثل هذا التجاوز الخل ف الشرح. فل يب أن يقودنا الواب إل العتقاد بأن المر يتعلق فقط بكل ماهو طبيعي أي ملموس ظاهر للعيان مرئي. ذلك أن مصطلح الظاهرة يرتبط ف الستعمالت اليومية والعلمية بالظواهر الطبيعية من مثل الزلزل والمطار والباكي والفياضانات والسوف والكسوف.. أما بالنسبة للفنومنولوجيا فالظواهر تتجاوز ذلك إل مال يظهر للعيان كالرض مثل ولكن تظهر عوارضه وعلماته من مثل ارتفاع درج ة ال رارة أو السهال أو تغي ف اللون. بيوت أعيد نشره ضمن كتابه: "الفلسفة ال ظاهرات ية" دار التنويرلل طباعة وال نشر 1983 ص.ص. 179116 ). وقد تض من ذلك الكتاب أيضا مقاله الذي نشره سنة 1971 بعنوان: "الكوجيتو بي هو سرل وديكارت" م لة الفكر العرب العاصر 1971 بيوت( 16 أنظر نفس الرجع ص.ص. 215201 ). أ ما ال دراسات الت خ صصت للفينومينولوجيا خلل الثمانينات والتسعينات فرغم أ نها ت يزت بظهور اهتمامات متزايد بأعلم فينومينولوجية أخرين وخا صة هيدغي فإ ن بعضها ت يز بال سعي إل ال دقة والتفصيل ف تقدي مسائل الفكر الو سرل( مثال كتاب ساح رافع م مد:"الفينومينولوجيا عند هو سرل" دار الشؤون الثقافية بغداد 1991. وما ورد ف أطروحة ممود رجب: النهج الظاهرات ف الفلسفة(رسالة دكتورا غي منشورة حسب علمنا) ومقال اساعيل مص دق:"هو سرل وأزمة ال ثقافة الوروب ية" ورد ضمن م لة مدارات فلسف ية 1 الغرب 1998) وبعضها حاول أ ن يو سع الهتمام الفينومينولوج ي بظواهر أخرى مثل ال ظاهرة المال ية( مثال ذلك كتاب سعيد توفيق: "البة المالية دراسة ف فلسفة المال ال ظاهرات ية" الؤسسة الامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيوت 1992). 3. Danner, Helmut.: Methoden geisteswissenschaftlicher Paedagogik. 3 Aufl. Muenchen Basel 1994. S. 117. 2

سنرجع للتفصيل ف ذلك لحقا أما الن فنلتزم منهجيا بالوقوف على الراحل الثلثة أو بالحرى الجيال الثلثة الت ساهت ف تطور النهج الفنومنولوجي. بداية وجب التأكيد على أن النهجية الفنومنولوجية غزت كل القول العرفية خصوصا ما يهمنا ف هذه الاولة أي حقول العلوم النسانية التنوعة.وأجيالا الثلثة يكن ترتيبها على النوال التال: اليل الول: (Phänder (18701941 (Scheler (18741928 (Husserl(18591938 (Dilthey (18331911 (Heidegger(18891976 اليل الثان: (A. Schuetz (18991959 (MerleauPonty (19081961 (Lochner (18851978 (G. H.Mead (18631931 (Bollnow (19031991 (A. Fischer (18801937 Th. P. Wilson (Ballauff (19111995 (P. Petersen und Else Petersen ( 18841952 (Blumer (1900 geb (Langeveld (19051989 (Habermas (1929 geb (Mollenhauer (19281998 (Berger (1929geb (Luckmann(1927 geb (Loch (1928 geb (Schaller (1925 geb اليل الثالث: (Winnefeld (19111968 (Waldenfels (1934 geb Beekmann (Lppitz (1945 geb Meyer Drawe 3

هذا الترتيب يتص أساسا وف أغلبه بالرقعة الرمانية ويتضمن حقول معرفية متلفة وإن كان مال الفلسفة يمعها ومال فلسفة التربية يهيمن عليها. ولن نبحث عن السس النهجية للفنومنولوجيا إل عند Husserl الذي وضع لبناتا الول والساسية بالرغم من بعض التعديلت الت أتى با من بعده والت ل تغي ف جوهر النهجية الشئ الكثي. لقد وضع Husserl أساسيات الفنومنولوجيا ف مؤلفه: Ideen zu einer reinen Phänomenologie und phänomenologischen Philosophie أفكار ف فنومنولوجيا خالصة وفلسفة فنومنولوجية يقول Husserl مايلي: In dieser Weiser finde ich mich im wachen Bewusstsein, allzeit und ohne es je ändern» zu können, in Beziehung auf die eine und selbe, obschon de, inhaltlichen Bestand nach.wechselnde Welt. Sie ist immer fort für mich vorhanden, und ich selbst bin ihr Mitglied Dabei ist diese Welt für mich nicht da als eine bloße Sachenwelt, sondern in derselben Unmittelbarkeit als Wertewelt,Gueterwelt, praktische Welt. Ohne Weiters finde ich die Dinge vor mir ausgestattet, wie mit Sachbeschaffenheiten, so mit Wertcharackteren, als schön und hässlich, als gefällig und missfällig, als angenehm und unangenehm und dgl Dasselbe gilt natürlich ebensowohl.auch für Menschen und Tiere meiner Umgebung hinsichtlich ihres sozialen Charakters. Sie sind meine 'Freunde' oder 'Feinde', meine 'Diener' oder 'Vorgesetzte', 4 «. 'Fremde' oder 'Verwandte' usw إجال ما تدث عنه هوسرل ف هذه القولة يكن تلخيصه ف مايلي: له القيم إن وعينا ف علقة دائمة بالعال إن العال موجود دائما وأبدا ونن منه أي نن من العناصر الكونة العال الذي أمامنا ليس فقط عالا من الشياء بل كذلك عالا من كل مكونات العال العيش طبيعية كانت أو اجتماعية أو قيمية هي بالنسبة لنا بديهية أي واضحة بذاتا و كذا معتادة لنا من الياة اليومية. اليزتان الساسيتان للعال العيش هو كونه بديهي وواضح بذاته وكذا يومي ومعتاد لنا وهذا بالضبط ما يب تاوزه أي اعتيادنا وبديهية المور أمامنا قصد الوصول إل ماهية العال القيقية والت لن تتأت إل بتجاوز السوس البي من الظواهر أي تاوز التجربة اليومية إل التأمل الفلسفي العميق هذا النظور له تأثي مباشر على مفهوم الفلسفة من جهة وكذا مفهوم العلم من جهة ثانية. ذلك أن منطلق العلم هو تربة العال العيش 4 Husserl عن Kron, W. F.: Wissenschaftstheorie für Pädagogen. MuenchenBasel 1999. S. 193. 4

ومن ت فإن أدواته ومناهجه عليها أن تتلءم مع أشياء هذا العال وتظهراتا وأشكال وجودها بل عليها أن تتجاوز ذلك لتعرية بنياتا والنظر فيها. وما دامت العرفة العلمية هي جهد الباحث كفرد وإنتاجه كمكون من مكونات العال العيش فإنه من الهم بل من الساسي فنومنولوجيا النظر ف كيفية اسبتطان وع ي الب احث للظواهر مل البحث لن العرفة هي ممل ما كونه وعي الباحث حول ظاهرة ما ف العال العيش وبشكل قصدي. فوعينا ينقاد ال الظاهرة بشكل قصدي يقوده ف ذلك تراكم ما استدخله الباحث حول هذه الظاهرة ف الوجود على مدار وسيورة حياته. وهنا وصلنا إل أهم مصطلح ف الهاز الفاهي لفنمنولوجيا هوسرل: أي الوعي أو بالضبط ما يصطلح عليه ب قصدية الوعي. Intentionalität des Bewusstseins يدور معن هذا الفهوم حول لطيفة مفادها أن وعينا دائما يتوجه إل شيئ ما كوعي بشيئ ما. هذا المر يتجلى بوضوح عند ملحظتنا لية ظاهرة. فرؤيتنا اليومية للشخاص والشياء تتم بناء على موقف سابق ل يتم التساؤل حول كيفية انبناءه ول عن معناه مع العلم أن هذا العن ليس إل ما ألصقناه به نن. يرنا هذا إل القول بأن هذا الستيعاب اليومي للظواهر حكم قبلي عليها و جب فنومنولوجيا الوقوف عليه ومعه وتري د وعينا منه. وهذا ينقلنا بالضبط إل الغرض الساسي من هذه الاولة وهو : كيف نشتغل بالنهج الفنمنولوجي وبالضبط ما هي مراحل البحث الفنومنولوجي ستكون إجابتنا مركزة وإجرا ئية أكثر منها نظرية وفلسفية باعتبار هم التقنيات الجرائية الذي يق ود ك ل ماولتنا ف البحث النهجي. 2 الطوات النهجية بداية أود الشارة إل أن هذه الطوات تراتبية فكل خطوة بثية تثل مستوى أعمق من سابقتها وهي كالتال: الطوة الول: من العال النظري إل الوقف الطبيعي:التوقف الول: epoché von der theoretischen Welt zur natuerlichen Einstellung لجراء بث فنومنولوجي وجب النطلق حسب هوسرل من ما ساه بالنتقال بالوعي من العال النظري إل العال العيش. والقصود بالعال النظري ذاك العال الذي استقينا منه آراءنا وأفكارنا حول الظاهرة مل الدراسة سواء أكانت آراء إيديولوجية أو ثراثية أو دينية أو حت أراء من نظريات علمية. ذلك أن هذا العال النظري هو بصطلح هوسرل Verfaelchte Welt أي عال مزيف أو Konstruierte Welt أي عال مصطنع ول يتمثل الوعي فيه الظاهرة على حقيقتها بل هو تثل عن الظاهرة. ومن ت وجب كخطوة أول القيام بعملية توقيف مقصودة لسيورة الوعي أي ما يسميه هوسرل ب أي epoché 5 anhalten هذا التوقف يهدف إل الرتقاء بالوعي من الستوى النظري البن على ما استدخله الباحث ف تنشئته عن الظ اهرة إل 5 Lamnek, Siegfried : Qualitative Sozialforschung. 4 Aufl. Weinheim, Basel 2005. S. 50. 5

الستوى الطبيعي أي القيام با يسميه هوسرل بالتقليص أو الختزال Reduktion وهو عملية واعية يقوم من خللا الباحث باستبعاد الؤثرات النظرية عن وعيه بالظاهرة أي تقليص درجة تأثي العال النظري ف الفعل العلمي للباحث ذلك أن الفنومنولوجيا تريد أن تعال الظواهر كما هي ف استقلل تام أو تلص ت ام م ن الحكام القبلية. فالفنمنولوجي يريد الرجوع بوعيه إل أصله النقي النظيف التخلص من شوائب العال النظري الوجه والولد لكل عملية تزييف للوعي. وهنا يتم تطوير ما ساه هوسرل بالوقف أو التصور الطبيعي للظاهرة natuerliche Einstellung لدى الباحث. هذه العملية ذات طبيعة جدلية غدوا ورواحا بي الظاهرة ووعي الباحث با. وعملية البحث ف الظاهرة تسي بطريقة وصفية متأنية وواضحة ومفهومة. وهي مرحلة تقريب الوعي من الظاهرة مل البحث تبغي النظر ف مدى توافق الظاهرة ف ظهورها الطبيعي مع وعي الباحث با أي الوعي الذي يستبطنه ويوجه سلوكه ويدد مواقفه من الظاهرة. الدف إذا هو الوص ول ب الوعي بالظاهرة إل مرحلة يراها فيها الباحث كما هي ف أصلها الطبيعي على حقيقتها أي ايصال الوعي أول إل أن يصبح وعيا بالظاهرة كما هي وثانيا الدفع به ال فرز العناصر الت شكلت سابقا مواقفه ونظره القبلي. على الوعي أن يصل ف مرحلة الختزال أو التقليص الول إل عزل ما ل ينتمي للظاهرة ف جوهرها. ولنضرب لذلك مثال حت يتضح القال ونقق البتغى من هذه الاولة الت هدفها بالساس ملمسة النهجي ة الفنومنولوجية ف بعدها الجرائي ل النظري الفلسفي وإن كان بي الثني على رأي الصوليي خصوص وعموم. باحث يريد دراسة ظاهرة الدر الدرسي أي انقطاع التلميذ عن التعليم وعدم إكمال تكوينهم. تقتضي الرحلة الفنومنولوجية الول أي ما ساه هوسرل ب epoché أن يتوقف الباحث بداية مع وعيه بذه الظاهرة أي عليه أن يبدأ بتخليص وعيه من كل ما اكتسبه من معارف نظرية حول الظاهرة مل البحث أي كل ما قرأه وسعه أو اعتقده ف يوم من اليام. عليه أن يفرق بي معرفة الظاهرة والعرفة عن الظاهرة والت تكون معرفة مزيفة. إذا فلمعرفة حقيقة ظاهرة الدر الدرسي على الباحث تنقية وعيه ما لصق به من شوائب نظرية للوصول بذا الوعي إل مرحلة الوقف الطبيعي والذي يرتقي به الباحث ال مرحلة تايز ف وعيه بي الظاهرة من جهة والعرفة النظرية حول الظاهرة من جهة ثانية. وهذا المر يب أن يتحقق ف هذه الرحلة للنتقال إل مستوى آخر من الوعي بالظاهرة وهو مور النقطة الوالية. الطوة الثانية: من الوقف الطبيعي إل الختزال الفنومنولوجي: Von der natuerlichen zur phaenomenologischen Reduktion هذه الطوة هي كذلك مارسة قصدية باتاه الصعود ف مدارج الوعي الطاهر النظيف إن صح التعبي بتوظيف ألية التقليص والختزال ولكن ف مستوى آخر. إنا مرحلة يتوجه فيها الباحث للموقف الطبيعي الذي وص ل 6

إليه من خلل توقفه الول مع وعيه النظري ليمارس فيه هدما وتشطيبا أو لنقل اختزال من ن وع خ اص. الدف هو إزالة خاصية السذاجة الت تلتصق با هو طبيعي وهذا يتطلب عملية البقاء على مسافة بي الباحث وموضوع بثه وكذا مراقبة الذات ف كيفية تعاملها مع موضوعها إنا عملية متابعة الوعي ومراقة أشكال تعامله مع الظاهرة إن الباحث يعل نفسه أثناء سيورة البحث مل البحث إنه يراقب قصدية وعيه إل أين تتجه. إنه يعمد إل تليل مواقفه وافعاله وتصوراته حول الظاهرة الت يتناولا بالدراسة والنظر يتساءل: كيف كان تعامله أثناء وبعد تناوله للظاهرة كيف كان يتصرف كيف كانت سيورة فكره أين حافظ على مسافة بينه وبي الظاهرة اين خلط بينه وبي الظاهرة ما هي الفكار أو الشياء أو الشخاص الت جعلته يتصرف يهذا الشكل الغي العلمي إنا عملية مارسة للنقد الذات أثناء وبعد سيورة البحث. كل هذا يب أن يصوغه فكريا ولغويا بدقة متناهية وهذا مستوى آخر من الختزال مس بالخص وعي الباحث أثناء وبعد البحث بعد ما خضع هذا الوعي إل تقليص أول هم عاله النظري. بذه الطريقة نصل حسب هوسرل إل ما أساه بالوقف الفنومنولوجي أو الختزال الفنومنولوجي. ولنضرب لذلك مثال غي متجاوزين الثال الذي بسطناه ف الرحلة السابقة. لقد حاول باحثنا أن يلص وعيه ف الرحلة الول ما علق به من أحكام قبلية عن الدر الدرسي ناتة عن العال النظري ووصل بهد جهيد مع وعيه إل تنقيته بالغا به مستوى التصور الطبيعي أي أن يرى الظاهرة ف ماهيتها الطبيعية وجاءت الرحلة الثانية الت تقضي بأن يبقي الباحث مسافة بينه وبي ظاهرة الدر الدرسي وذلك بإخضاع وعيه لراقبة مستمرة ومتيقظة. وهب أنه أثناء تناوله لظاهرة الدر الدرسي لحظ أنه أثناء معالته لذا الوضوع تنب الديث عن دور الستاذ ف عملية الدر أو أومأ لذلك بطريقة عرضية ل تفي بالغرض إما ليتجنب الس بشخصية الساتذة وهو واحد منهم أو ليتجنب انتقادات زملءه ف الهنة أو ما إل ذلك من السباب. بعد ذلك أعاد مراجعة ما كتب ووقف موقف النتقد لوعيه وجرده من التزييف الذي وقع فيه وتناول دور الستاذ ف ظاهرة الدر. إن هذه الختزال من هذا الستوى هو الختزال أو التقليص الفنومنولوجي أي مارسة الراقبة وتعديل السار ف البحث حي يكتشف الباحث أن الوعي يارس تزيفا تنكيسيا يبغي إلصاق ما ل ينتمي للظاهرة بالظاهرة أو إبعاد ما يشكل جزءا من الظاهرة عنها. الرحلة الثالثة : من الختزال الفنومنولوجي إل أنكشاف الوهر : Von der pänomenologischen Reduktion zur Wesensschau باللتجاء إل ما ساه هوسرل ب eiditische Reduktion والت تعن Eidos أي Gestalt أي جشطالت ) الشكلاليئة الظاهرالصورة) يريد من الباحث أن يرتقي مرة أخرى بوعيه القصدي ف سلم التعال إل مرحلة الختزال أو التقليص الكلي قصد الوصول ال إدراك ماهية الظاهرة مل البحث وكذا التحك م ف الوعي بدرجة يطوق من خللا الواقف السابقة ويتجاوزها وتصبح الظاهرة بينة واضحة ف الدراك وكأن 7

الباحث يراها رأي العي. إن الوعي أصبح حقا ينظر إليها على أنا بالفعل ظاهرة. Phänomen يتعلق المر إذا باختزال يريد من خلله هوسرل الوصول إل جوهر الظاهرة. Wesen فهوسرل يتحدث ف هذا الطار عن جهد حدسي أنعكاسي جهيد. إن الختزال الكلي ينطلق بالساس من الدس أول وأخيا ويراقب ويلل بعمق حركية الظاهرة ف أشكال بروزها الختلفة ليصل ف الخي إل التميز فيها بي الثابث والتغي فالثابث 6 فيها هو جوهرها بالساس أما ما دون ذلك فهو متعلق با أو عالق فيها. ولتوضيح ذلك يكن إيراد الثال التال والذي هو تعميق للمثال الذي درجنا على طرحه. بينما جع الباحث معلومات كثية من خلل مراقبته للظاهرة ف حركيتها اتضح له أن هناك خصائص معينة أو معلومات أو أفكار أو غي ذلك تعيد نفسها وتظهر دائما وأبدا كلما قلب الظاهرة من جوانبها الختلف ة هذا الظهور الدائم لذه العناصر ل يتغي ل بتغي الزمان ول الكان ول الال ما يدل على أن هذه العناصر تشكل جوهر الظاهرة ومدارها ولمتها وسداها أي أنا Das Wesen جوهرها أما مادونا فهو متغي. فلو تناول باحثنا السابق ظاهرة الدر الدرسي ف أشكال بروزها وتابع أسبابا وقلبها من جوابا الختلفة وراقب الالت الواقعية المسوسة بالدر ووصفها وصفا دقيقا وجع معلومات ونصوص حولا ف أبعادها الختلفة ووجد من خلل ذلك كله مثل أن ماهيتها تتجلى ف كون الذين أهدروا أو يهدرون فرص الدراس ة ك ان دافعهم هو العوز الادي يكون بذلك الفقر هو جوهر Das Wesen الدر الدرسي ذلك أن ظاهرة الدر ترتبط عند باحثنا بالفقر الادي أما العناصر الخرى فهي تابعة للفقر بالساس ومتغية. فالثابث هو الفقر أما ما دون ذلك فهو متغي. للتوضيح أكثر أورد مثال أدرجه Lamnek أثناء شرحه للمنهج الفنومنولوجي أراه أوضح وأسلم يقول فيه 7 ما يلي : إذا أراد باحث ما الوصول إل جوهر Kraftfahrzeug أي العربة ذات الرك وقد نقول تاوزا القاطرة (أي كل ألة متحركة تتوي على مرك: كالسيارة الشاحنة...) فعليه بداية أن يلص وعيه من أشكالا الختلفة كالسيارة بأربع عجلت أو بثلث عجلت أو أنواعها من مثل سيارة إسعاف أو سيارة الشرطة أو الشاحنات والباصات...وكذا التخلص من أنواع السيارات الخصصة للعب سواء للكبار والصغار وإذا ما قارن بي هذه الشكال والنواع سيجد أن بينها شيئ جامع وهو جوهرها واشياء متغية هي أشكالا وألوانا وأنواعها فجوهرها هو الرك أما ما دون ذلك فتابع له. من طبيعة الال ل يتجلى الوهر فقط ف الشياء اللموسة ولكن كذلك ف الشخصية النسانية مثل وذلك من خلل أفعالا العارضة والثابثة و كذا أشكال التفكي فكل شخصية لا جوهر ثابت تتميز به عن غيها كما أن لا خصائص تشترك فيها مع الخرين. 6 Lamnek, Siegfried : a.a. O. S. 51. 7 أورد هذا المثال في طبعة Lamnek 1993 8

ف هذه الرحلة بالذات يتوقف الباحثون ف العلوم النسانية مع الفنومنولوجيا ويعتبون الطوة التالية فلسفية يصعب العمل با أو اللتجاء إليها ف البحث العلمي هذه الطوة هي موضوع النقطة الوالية ف هذه الاولة. الطوة الرابعة:الختزال أو التقليص التعال: transzendentale Reduktion عند انكشاف جوهر الظاهرة مل البحث يتم تاوز الزئيات والصوصيات والنتقال بالوعي عن طريق ما ساه هوسرل ب الختزال التعال transzendentale Reduktion و الدف منها هو الوصول إل الوعي التعال وهو أعلى مراحل التجريد ف الفنومنولوجيا وقد نسميه الوعي الطلق الالص إنا ماولة على رأي Lamnek لرجاع الوعي إل مرحلة سابقة على ظهور النا والت تتموقع زمانيا قبل ظهور الوعي ف عل م النفس إنا مستوى من التجريد يصل فيه الباحث إل مستوى يصبح فيه متفرجا وغي مشارك ف الظاهرة لنقل بلغتنا : إنا الرحلة الت ينظر فيها الباحث ف الظاهرة مل البحث نظرة يستقل فيها بنفسه استقلل تاما كليا مطلقا ومتعاليا عن كل تأثي قد يطاله من الظاهرة نفسها إن باحثنا وصل ال مرحلة ال ذات التعالي ة.Transzendentale Subjektivität " هنا يكن لن يشتغل بشاكل النهج والبحث وإشكالياته والفلسفة الفنومنولوجية أن يستفيد من الظاهراتية. إن الطوة الرابعة تذهب إل التأسيس لفلسفة الفنومنولوجيا بالساس وهذا هو الط الذي يتوقف عنده من يريد أن يشتغل بالنهج الفنومنولوجي ف العلوم النسانية. بقي أن نوضح أن الفنومنولوجيا تعتمد على تقنية الوصف بالساس قبل أي شيئ آخر و Heidegger يتحدث عن الوصف الفنومنولوجي قائل: Bei phänomenologischen Beschreiben handelt es sich um einen bestimmten Denkvorgang, der sich vom Verstehen und vom Erklären unterscheidet, indem er sich des interpretierenden und zurückführenden Zugriff enthält. Sein Sinn liegt darin, das was. 8 "sich zeigt, so wie es sich von ihm selbst her zeigt, von ihm selbst her sehen lassen الوصف الفنومنولوجي كطريقة تفكي يتلف عن الفهم الرمنوطيقي وكذا عن التفسي العلمي. ذلك أنه يسعى إل رؤية الظاهرة كما تظهر (بضم التاء وكسر الاء) هي نفسها بنفسها. ل يسعى لفهمها ول لعطاء تفسي لا ول الكم عليها لن النهج الفينومينولوجي ل يهمه الكم ف ذاته بل يهمه كيف استطاع الباحث أن يصل إل ماهية وكنه الظاهرة مل الدراسة. إن العرفة القيقية للموضوع البحوث ل تتأتى بحاولة تليله كما يظهر خارج الذات فقط وإنا بتحليل الذات أي الوعي ف سيورته وهو يقوم بالتعرف على العال أي بتحليل الوعي وقد استبطن الشياء فتحولت إل ظواهر لن الوعي ل يكون مستق ل وإنا هو دائما وعي بشيء ما غي أنه من الض روري 8 Heidigger nach Danner, H : Ibid p 159. 9

تريد الوعي من أية تصورات قبلية نظرية وعلى رأي هوسرل تب ماصرة العال النظري والتحكم فيه أثناء تناول الظاهرة و إخضاع أية تصورات أو فرضيات للمساءلة الدائمة ف كل مراحل النهجية الفنومنولوجية. 3 توجيهات ف مسار البحث الفنومنولوجي يؤكد Gadamer 9 على أن السمة الغالبة للمنهج الفنومنولوجي هي التعدد. فليست هناك منهجية موحدة يكن ادعاؤها فكل باحث حسب تربته مع النهج والناهج وكذا حسب قدرته العرفية وإمكاناته النهجية وجهده الاص يشق لنفسه مسارا فنومنولوجيا خاصا وهذا ل يعن أنه ل توجد قواعد أساسية على الباحث أن يلتزم با إن أراد أن ينجز بثا فنومنولوجيا مركزا وهي خطوات بقدر ما ترن عليها الباحث اكتسب كفاية توظيفها وسار بإمكانه أيضا تعميقها. ويكن سردها كما يلي:.1.2 حدد ميلك وهدفك العرف الركزي الذي تريد معالته: ماهي الظاهرة الت تري د تناول ا بالبحث صغ موضوع البحث صياغة واضحة دقق ف الصطلحات الت تستعملها لتسمية الظاهرة مل البحث 3. ارجع إل تاريها وتاريخ ظهورها والتسميات الت أطلقت عليها 4. فرق ف تناولك للظاهرة بي ما وجدته من معارف نظرية وبي الظاهرة مل البحث فتلك 5. معارف حول الظاهرة وليست الظاهرة نفسها.6.7.8 انزل إل الواقع وعاين الظاهرة كيف تظهر نفسها بنفسها صف الظاهرة كما هي ودقق كثيا ف الزئيات وسجلها ميز بي الظاهرة مل الدراسة وغيها من الظواهر الشابة لا. والتمييز يكون منهجيا بتوظيف النهج القارن. ولك ف هذا الباب مرجي : أن تيز الظاهرة عن غيها من الظواهر أو العكس أي أن تيز هذه الظواهر عن الظاهرة مل الدراسة: وللمقارنة عليك أن تبحث ف ما يلي: ميزات الظاهرة مواطن التشابه مواطن الختلف 9 Gadamer, H.G : Die phaenomenologische Bewegung. Phil. Rundschau 11, 1\2, 145, 1963\64. S. 39. 10

.9 حدد بعد اطلعك على العارف النظرية الختلفة حول الظاهرة وكذا نزولك للواقع العناصر الت تظهر لك ف كل مرة أي تلك الت تتكرر بعد كل نظر وفرق بينها وبي تلك الت تظهر هنا وتتفي هناك 10.الثابت من العناصر الستخرجة يشكل بنية موضوع البحث وبالتعبي الفنومنولوجي هويته أو ماهيته: إن ما تبقى هو الظاهرة. ف ما يص اللحظة الت تعتب منطلق وأساس عملية الوصف و القارنة يدد 10 Diemer النظر والوصف البسيط للظاهرة النظر فقط للظاهرة ووصفها هي النظر والوصف الغي التحيز ما أمكن النظر والوصف الدقيق النظر والوصف الكامل او التام التحرك فقط ضمن مكونات الظاهرة ل غي شروطها كالتال: تلك كانت ماولة لبسط مقومات النهج الفنومنولوجي بالعتماد أساسا على أهل التخصص النهجي ف الرقعة الرمانية وكان جوهر هذه الاولة هو بعدها الجرائي مكتفيي ف البعد النظري با يفي بغرض التوضيح والبيان لكي ل نصرف عن أولويتنا الركزية وهي ملمسة الطوات النهجية الجرائية للستفادة منها والعمل با ومد الباحثي بفاتيحها. 10 Diemer nach Lamnek. S 56. 11

لئحة الراجع Danner, Helmut.: Methoden geisteswissenschaftlicher Paedagogik. 3 Aufl. MuenchenBasel 1994. Gadamer, H.G : Die phaenomenologische Bewegung. Phil. Rundschau 11, 1\2, 145, 1963\64. Kron, W. F.: Wissenschaftstheorie für Pädagogen. MuenchenBasel 1999. S. 193. Lamnek, Siegfried : Qualitative Sozialforschung. 4 Aufl. Weinheim, Basel 2005. 12